استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق
الزعيم
الزعيم
مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2991
تاريخ الميلاد : 01/09/1990
تاريخ التسجيل : 21/07/2009
العمر : 33
http://egygate.123.st

موانع المسؤولية الجنائية Empty موانع المسؤولية الجنائية

الإثنين 14 يناير 2013, 9:42 pm


موانع المسؤولية الجنائية Bsmlh910

تمهيد


لا يمكن الكلام عن المسؤولية الجنائية إلا بعد وقوع الجريمة و التي تعترض توافر أركانها الثلاث: الشرعي و المادي و المعنوي.
و المقصود بالمسؤولية الجنائية أن يكون مرتكب الجريمة أهلا لتحمل نتائج فعله و ذلك بتطبيق الجزاء الجنائي المقرر سواء كان عقوبة أو تدبير أمن كرد فعل المجتمع عن تلك الجريمة.

فالمسؤولية الجنائية تقوم على أساس توافر ثلاث عناصر وهــي : الإدراك و التمييز و حرية الإختيار. فالقانون لا يعتد إلا بالإرادة الحرة و المدركة و السليمة إذ هي مصدر الخطر و الذي يهدد المجتمع و الأشخاص و الأموال هناك أسباب على الرغم من وقوع الجريمة إلا أنها تمنع قيام المسؤولية الجنائية . كما هناك أسباب تجعل الفعل مباحا حيث تمحو الصفة الإجرامية عنه فلا تقوم المسؤولية الجنائية أصلا و هناك أسباب تعفى الجاني من العقاب فقط.

و على هذا الأساس يمكن التمييز بين موانع المسؤولية الجنائية و أسباب الإباحـة أو الأفعال المبررة و موانع العقاب .

فلا سبيل إلى محاكمة الجاني الذي إرتكب جريمة إلا إذا كان متمتعا بجدية الإختيـار و العقل و الإدراك ، وعليه فلا يتحمل المسؤولية المكره و المضطر، و الصغير و المجنون ، فهذه الأوصاف كلها تجعل الجاني عديم المسؤولية ، وقد نصت على هذه الموانع جميع الشرائع ، فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى : ﴿إلا من أكده و قلبه مطمئن بالإيمان ﴾ و قوله أيضا ﴿فمن إضطر غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه ﴾ و قوله صلى الله عليـه و سلم﴿رفع القلم عن ثلاث و ذكر الصبي حتى يحتلم و النائم حتى يستيقظ و المجنون حتى يفيق ﴾.

و نحن في بحثنا هذا ستطرق إلى موانع المسؤولية الجنائية، فما هي موانع المسؤولية الجنائية ؟ و ماهي أسباب و شروط قيامها؟

و قد تطرقنا إلى هذه الإشكالية في فصلين و ذلك بإتباع خطة البحث التالية :


-1-




(موانع المسؤولية الجزائية)
 تمهيد
 مقدمة
i. الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية
- المبحث الأول : مفهوم المسؤولية الجزائية
- المطلب الأول : تعريف المسؤولية الجزائية
- المطلب الثاني : أساس المسؤولية الجزائية
- الفرع الأول : المذهب التقليدي
- الفرع الثاني : المذهب الوضعي
- الفرع الثالث : المذهب الحتمية
- المطلب الثالث : أساس المسؤولية الجزائية في التشريع الجزائري
- المبحث الثاني : أركان المسؤولية الجنائية
- المطلب الأول : موجب المسؤولية
- المطلب الثاني : مناط المسؤولية
- المطلب الثالث : صفة المسؤولية
- المطلب الرابع: مدى لزوم العلم بنص التجريم

ii. الفصل الثاني : موانع المسؤولية الجزائية
- المبحث الأول : إمتناع المسؤولية بسبب إنعدام الأهلية
- المطلب الأول : الجنون
- الفرع الأول : تعريف الجنون
- الفرع الثاني : شروط الجنون
- الفرع الثالث : بدون الجنون
- الفرع الرابع : أثار الجنون
- الفرع الخامس : وضع المجنون في الحجز القضائي
- المطلب الثاني : صغر السن
- الفرع الأول : نشأة قرينة عدم مسؤولية الأحداث و طبيعتها
- الفرع الثاني : موقف بعض التشريعات ( التشريع المصري)
- الفرع الثالث : الإجراءات المتخذة ضد الأحداث
- الفرع الرابع : موقف المشرع الجزائري من حالة صغر السن
- المبحث الثاني : إمتناع المسؤولية بسبب إنعدام الإرادة
- المطلب الأول : الإكراه
- الفرع الأول : الإكراه المادي
- الفرع الثاني : الإكراه المعنوي
ملاحظات هامة :
- موقف المشرع من حالة السكر
- مسألة الخلط في القانون
-2-






































-3-






الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

إن تمتع الشخص بمجموعة من الصفات و المؤهلات الشخصية ، التي هي بمثابة حافز في قيامه بجملة من الأعمال
ومن هذه الأعمال ما تخلف إضرار كاثر لها و بالتالي فهذا الشخص الذي هن عن إدراك و إرادة تحمله عبء ما تخلف عنه من نتائج ضارة نتيجة قيامه بأعمال إجرامية أي تحقيق المسؤولية الجزائية.
و نحن بصدد دراسة ماهية المسؤولية الجزائية نقسم هذا الفصل إلى مبحثين أساسيين
- الأول : نتناول في المبحث الأول دراسة مفهوم المسؤولية الجزائية و أساس قيامها
- في حين نتناول في المبحث الثاني دراسة أهم شروط المسؤولية الجزائية



المبحث الأول : مفهوم المسؤولية الجزائية

إن إتيان الشخص بمجموعة من الأعمال هي في نظر القانون منافية له سواء أكانت عصيان أمر من أوامر القانون أو إتيان ما نهى عنه القانون.
و هو بالتالي يعد في نظر القانون جريمة بتوافره بجميع شروطها و من أهم ما توافره الجريمة هو انه أتي الفعل و هو عن علم و إرادة بما يحققه الفعل من نتائج تحدث أضرار بالمجتمع، و هو بالتالي مسؤول عما تحقق من أضرار و هنا نعالج مفهوم المسؤولية الجزائية في مطلبين هامين و أساسيين :
- نتناول في المطلب الأول مختلف التعارف التي تم التطرق إليها
- و تناول في المطلب الثاني أساس قيام المسؤولية الجزائية

و سندرس كل عنصر على حدى :





-4-



الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

المطلب الأول تعريف المسؤولية الجزائية

إذا كانت الجريمة هي العمل الخارجي الذي نص عليه القانون و قرر له عقوبة إذا صدر عن إنسان فالمقصود بذلك أن الدولة ترمي بمباشرة حقها في العقاب للمحافظة على كيانها بصفتها دولة و صيانة الأمن و النظام ربوعها ووسيلتها إلى بلوغ هذه الغايات هي إقرار عقوبة لفعل مجرم.
و من الواضح أن نجاح العقوبة في بلوغ الغايات المذكورة رهينة بمدى إدراك من تنزل به لما تنطوي عليه من معاني أحاسيسه بمقدار ما تجلب عليه من الأذى و الألم.
لذلك كان الإنسان الأدمي على فرض متعه بالملكات التي تؤهله للإدراك و الإحساس هو دون غيره من الكائنات المقصود بالعقاب و استحقاقه، أي الذي يصلح وحده لأن يكون محلا للمسؤولية الجزائية و هو بهذا الوصف يمثل الجانب الشخصي للجريمة.
و المسؤولية الجزائية قال عنها البعض (1) « في معناها ألاثم الكامل تعبير عن ثبوت نسبة الواضح الإجرامي للواقعة المادية التي يجرمها القانون إلى شخص معين متهم بها، بحيث يضاف هذا الوضع إلى حسابه فيتحمل تبعيته و يصبح مستحق للمؤاخذة عنه للعقاب» .
و يرى البعض أن للمسؤولية الجزائية مفهومان :
- الأول : و هو مجرد
- : واقعي و يراد بالمفهوم الأول صلاحية الشخص لأن يتحمل تبعية سلوكه و هنا نجد أن المسؤولية هي تتعلق بصفة الشخص أو حالة تلازمه سواء وقع منه ما يقتضي المساءلة . أو لم يقع منه شىء و يراد بالمفهوم الثاني تحميل الشخص تبعة سلوك صدر منه حقيقة، و هنا المسؤولية ليست مجرد صفة أو حالة قائمة بالشخص، بل هي جزاء أيضا و هذا المفهوم يحتوي : المفهوم الأول لمجرد لأنه لا يتصور تحميل شخص تبعة سلوك أثاره إلا إذا كان أهلا لتحمل هذه التبعة (2).
وهناك من يجعل المسؤولية الجزائية (3) هي « أهلية الإنسان العاقل الواعي لأنه يتحمل جزاء العقاب نتيجة اقترافه جريمة مما ينص عليها قانون العقوبات، و هو بذلك يميزها عن المسؤولية المدنية التي هي أهلية الإنسان لتحمل تعويض المترتب عن الضرر الذي ألحقه بالغير نتيجة الإخلال بالإلتزام القانون أو التعاقدي ».

------------------
1) د. عبد حميد الشواربي و د. عز الدين الدناصوري. المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات، و الإجراءات الجنائية، طبعة 1989. ص 05
2) د. احمد ابو الروسي: القصد الجنائي و المساهمة الجنائية و الشروع و الدفاع الشرعي و علاقة السبيبة دار المكتب الجامعي الحديث طبعة 2001 ص 17
3) د. سمير عالية : شرح قانون العقوبات القسم العام دار المؤسسات الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع طبعة 1998 ص 273

-5-

الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

و المسؤولية الجزائية على هذا الوجه ليست ركنا من أركان الجريمة إذا لا تنشأ ألا إذا توافرت ابتداء بجميع أركان الجريمة ، فهي إزاء هذه الأركان حصيلة و اثر لاجتماعها في شخص عاقل مميز ، و يتوافق هذا التحليل مع اشتقاق لفظ المسؤولية فهو مرادف المساءلة أي سؤال الجاني عن السبب في اختياره الجريمة سلوكا مخالفا لما يقضي به القانون، و هو في الواقع سؤال يحمل معنى الاستنكار و اللوم و التهديد بالجزاء على هذا السلوك (1)
« و من المسلم به في الفقه الجنائي الحديث إن صدور القاعدة التجريمية عبارة عن قاعدة قانونية منشأة لعلاقة تمثل الدولة احد طرفيها ، و يمثل الفرد طرف ثاني لعلاقة قانونية تؤهل كال منهما بان تنشأ له حقوق و التزامات متبادلة فالقاعدة تنشأ مباشرة على عاتق الفرد التزاما اصليا غالبا ما يكون موضوعه امتناع عن سلوك أو الامتناع عن تحقيق واقعة معينة حددتها تلك القاعدة في صورة التزام عام و هذا الالتزام من حيث عموميته يشبه ذلك الالتزام السلبي العام المعروف في القانون المدني ، الذي يكلف لصاحب الحق العيني على مال عدم التعرض احد له في المنفعة بذلك الحق العــــام، و تستمد هذا الالتزام مصدره من النص الجزائي في الشق الذي يحدد ما هو محضور».
و المسؤولية أنواع (3) « فقد تكون دينية أو خلقية و قانونية و لا يختلف معنى المسؤولية باختلاف نوعها، فكلها من حيث المجهر سواء، و إنما ينحصر الخلاف بينها في شروطها و في طبيعة او ماهية التبعة التي تلقى على عاتق المسؤول .
و المسؤولية القانونية بدورها صور تختلف باختلاف فروع القانون و من أبرزها المسؤولية الجزائية و المدنية و الدولية و هذه الصور تتفق في أمور و تختلف في أمور، و يقصد من المسؤولية الجزائية صلاحية الشخص لتحمل الجزاء الجنائي الناشئ عما ارتكبه من جرائم و للجزء الجنائي في التشريعات المعاصرة مظهران هما العقوبـة و التدبير الوقائي» .
و على هذا الأساس يمكن تعريف المسؤولية الجزائية بأنها صلاحية الشخص ي تحمل العقوبة أو التدبير الوقائي – التدبير الاحترازي- الذي يقرره القانون كاثر للجريمة التي ارتكبها، غير أن تعريف المسؤولية الجزائية على هذا النحو و إن حاط بكل صورهــا إلا انه يعين على حل مشاكلها و يمكن القول في ظل التنظيم الراهن من كان أهلا لارتكاب . الجريمة فها أهلا لتحمل العقوبة أو التدبير الوقائي لها. و هذا يعني القول أن كل إنسان مسؤول جزائيا، لأن كل إنسان أهلا لارتكاب الجريمة الذي تتوافر فيه صلاحية أو أهلية معينة . و هي الأهلية التي تتركب من العناصر التي يقوم بها أساس المسؤولية الأدبيـة و هي الإدراك و الإرادة.

---------------
1) د. عبد الحميد الشواربي و د. عز الدين الدناصوري نفس المرجع ص 7
2) د. عبد الحميد الشواربي و د. عز الدين الدناصوري نفس المرجع ص 12
3) د. عوض محمد عوض قانون العقوبات القسم العام دار الجامعة الجديدة للنشر طبعة 2000 ص 416

-6-

الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

المسؤولية الجزائية في نظر التشريع الجزائري

إن المسؤولية الجزائية هي حصيلة أركان مجتمعه وتؤدي عند ثبوتها – المسؤولية الجزائية إلى خضوع الجاني لجزاء جنائي يقرره القانون و تقرره الدولة بحكم قضائي فالمسؤولية الجزائية هي علاقة بين المتهم و الدولة بعد أن يكون المتهم قد ارتكب فعل مجرم بكل عناصره و بهذا المفهوم تتحدد علاقة المسؤولية بالجريمة فهي ليست جزء منها و إنما هي – المسؤولية الجزائية-إثرها- للجريمة . أو النتيجة القانونية المرتبطة بها. إن من يقدم على انتهاك القانون بارتكاب الواقعة الإجرامية لتحمل تبعة عملـــه و يخضع للجزاء الذي يقرره القانون و توقعه الجماعة بحكم قضائي، فالجاني فقد اقترف الجريمة يكون قد وضع نفسه في مواجهة مع المجتمع بخروجه عن دائرة حقه في استعمال حريته ، مما خول للدولة الرد عليه بتوقيع الجزاء الجنائي بوصفها ممثلة للمجتمع فالمسؤولية الجزائية تعني تحمل الشخص تبعة عمله المجرم بخضوعه الجزاء المقرر لفعله في قانون العقوبات(1).
ولئن بدت هذه الفكرة بسيطة و واضحة ألان فقد خضعت المسؤولية بمخاض طويل استغلت لبشرية كل قريحتها للوصول إلى مفهوم عادل للجزاء و هو المفهوم عادل للجزاء و هو المفهوم الذي كان و لا يزال موضع جدل كبير منذ أقدم العصور و حتى وقتنا الحاضر.
لم تكن المسؤولية الجزائية فكرة مجهولة في القوانين القديمة إذا كانت تحدد بنحو مخالف لما هي عليه ألان ذلك إن القانون إذ ينشأ في بيئة معينة فانه يثابر في معتقداتها ففي حدود المعارف التي تسود تلك الجماعة التي يتم تنظيم العلاقات الاجتماعية فيها.
و عليه فان دراسة المسؤولية الجزائية لا يجب إن تعزل عن إطارها التاريخي في سياق نمط الحياة و طرق التفكير الذين عرف في المجتمعات القديمة حيث شغلت فكرة السلام و الاستقرار للمجتمعات القديمة بفضل اعتقادها الديني و ارتباط الإنسان بالجماعة التي ينتمي إليها و قصور تفكيرها حول طبيعة الخطأ إلى القول بنوع من المسؤولية الجزائية تميزت بالخصائص التالية :
1). الظهر الآلي و الموضوعي للمسؤولية الجزائية :
ساد الاعتقاد في المجتمعات القديمة انه لابد من وجود مذنب و راء كل فعل ضار، يكون مسؤولا عن الضرر الذي حدث فإذا عرف الفاعل سبب الضرر فان رد الفعل سيكون تلقائيا اليا، إذ يكفي أن تتوافر العلاقة السببية بين الفعل و الفاعل لقيام المسؤولية الجزائية بصرف النظر عن توافر الخطأ وعدم توفره في جانب مسبب الضرر و في حدود الرد التلقائي هذا و لم تكن المجتمعات القديمة تهتم بصفات فاعل الضرر الشخصية.
فلم تميز بين الفاعل العاقل أو مجنون أو كبير أو صغير أو حيوان أو إنسان فإسناد الفعل .
------------------------
1) د. عبد الله سليمان شرح قانون العقوبات القسم العام الجزء الأول ديوان المطبوعات الجامعية طبع 1998 ص 235
-7-


الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

الضار إلى أي مصدر كان يجعله مسؤولا، فالفعل و الضرر هما ما يميزان المسؤولية ، و لذا فهي مسؤولية موضوعية كل من يسبب ألما يجوز أن يكون حلا للعقاب(1)
و هكذا فقد كان الركن المعنوي أو الجانب الشخصي مهملا تماما في تقدير المسؤولية الجنائية ، حيث لم يكن يعتد بالخطأ، إذ العبرة بالفعل المادي و الضرر الناشئ عنه فحسب.
2) المظهر الجماعي و الشامل للمسؤولية :
« نتيجة للنظرة المادية الصرفة إلى الواقعة الإجرامية فقد كانت النظرة إلى المسؤولية الجزائية أوسع و أشمل مما هو معروف اليوم، بل و تجاوز حدود المعقول لتشمل الحيوان و الجماد و الأموات أيضا، كما في الشريعة المساوية و شرائع اليونان القديمة، و ما كان عند الرومان و الفرس و قد كانت المسؤولية تتوسع لتشمل أشخاصا لا علاقة لهم بالفعل المرتكب كمسؤولية الأسرة كلها – أسرة الجاني أو عشيرة الجاني أو قبيلته عن فعل أحد أفرادها، فلم تكن المجتمعات القديمة تفرق بين شخص و آخر فالجماعة هي وحدة متماسكة يذنب الفرد فيها و تتحمل معه وزره و تطالب بحقه » (2)
و هذا و قد عولجت المسؤولية الجزائية التي نحن بصدد دراستها ضمن المسؤولية الجزائية التقليدية (3) في حين الاتجاهات الحديثة المسؤولية الجزائية قد عولجت في المسؤولية الجزائية الناتجة عن فعل الغير و المسؤولية الجزائية الشخص المعنوي.

المطلب الثاني أساس المسؤولية الجزائية :
إن تحديد أساس المسؤولية الجزائية يعتبر أمرا لاغنى عنه عند رسم الساسة الجنائية و يتناول الأساس الذي ترتكز عليه أحكام القانون الجنائي ، و بالتالي يعاقب المجتمع بمقتضاه فهو الذي يبين الشروط الواجب توافرها لقيام المسؤولية الجزائيــة و هو الذي يحدد رد الفعل الاجتماعي إزاء الجريمة و هل يقتصر على العقوبة أو التدبير الإحترازي أو يمكن الجمع بينهما ؟
و نبرز أهمية تحديد أساس المسؤولية الجزائية بصفة خاصة بالنسبة لطوائف المجرمين الذين يشكل سلوكهم و حالاتهم الخاصة خطورة على المجتمع.
و يوجد في هذا الصدد مذهبان.
- الأول التقليدي : و هو يبني المسؤولية على أساس حرية الإنسان في الاختيار
و الثاني وضعي : و هو يبين المسؤولية على أساس الخطورة الإجرامية للجاني

--------------------
1) د. عبد الله سليمان نفس المرجع السابق 238
2) د. عبد الله سليمان نفس المرجع السابق 238
3) د. لحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي العام الديوان الوطني الأشغال التربوية طبعة 2002 ص 166.


-8-


الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية
الفرع الأول : المذهب التقليدي : يرى بعض الفقه (1) إلى أن أساس المسؤولية الجزائية على أساس حرية الإنسان في الاختبار فكل إنسان بالغ عاقل يستطيع التمييز بين المباح و المحظور ، كما يستطيع التحكم في سلوكه فلا يأتي من الأفعال إلا ما يريد ، فإذا ارتكب شخص فعلا ينهي القانون عنه أو امتنع عن فعل يأمر القانون به كان عملا مخالفا مستهجا من ناحية الأدبية و الخلقية و القانونية لأنه تنكب الطريق السوي و سلك الطريق المعوج و كان في وسعه أن يكون خيرا مما كان ، و لهذا فإنه ينبغي أن يسال عما وقع منه و أن يحمل تبعته و لا تنتفي المسؤولية عند أنصار هذا المذهب إلا إذا فقد الشخص قدرته على الإدراك و الاختيار ،لأن عقابه عندئذ سيكون ظلما من جهة و غير مجد من جهة أخرى .
إما أنه ظلم فلان الفطرة السليمة تفترض العقاب من اختلطت عليه الأمور و استوي في وعيه المباح و المحظور كما تنفر من العقاب من لم ينضج أو من عطبت إرادته فبات عاجزا عن الاختيار بحرية بين البدائل الممكن.
و إما أنه غير مجد فلان العقاب غايته الردع و ليس الانتقام ، و هذه الغاية لا تتحقق بعقاب من تجرد من قدرة الادراك أو من حرية الاختيار.
حرية الاختيار – المذهب التقليدي – ولهذا يتفق بعض الفقه (2) في أن تبني المسؤولية الجزائية على أساس حرية الاختيار و مؤداها إن مرتكب الجريمة قد اختار بإرادته الحرة سلوك الطريق المخالف للقانون، فالجاني كان له إن يختار بين السلوك المطابق للقانون و السلوك المخالف للقانون بإرادته الحرة كان مسؤولا عن هذا الاختيار مسؤولية جنائية، و يعني هذا إن مناط المسؤولية هو حرية الإنسان في توجيه إرادته نحو السلوك الإجرامي، فطالما توفرت هذه الحرية الكاملة ، كان الإنسان مسؤولا عن سلوكه و إذا انعدمت حرية الإرادة أو انتقصت وجب القول بانعدام المسؤولية أو تخفيفها، فالإنسان لا يسأل جزائيا إلا في حدود القدر من الحرية الذي توافرت له وقت التصرف الذي وجه إرادته إلى السلوك المخالف للقانون.
حجــــج هذا المذهب : و يستمد أنصار مذهب حرية الاختيار إلى حجة رئيسة مؤداها «إن حرية الاختيار هي الأساس الوحيد الذي يمكن تصوره للمسؤولية الأخلقية أو القانونية و بدون هذه الحرية لن يكون للمسؤولية معنى و لا يمكن أن تستند إلى أساس آخر يدعمه القانون »
بمعنى المسؤولية إنها لوم من اجل سلوك يخالف القانون، و هذا اللوم لا محل له إلا إذا كان في استطاعه مرتكب السلوك المخالف للقانون أن يختار سلوكا آخر لا يخالف القانون، أما إذا لم يكن في استطاعه الفرد تجنب السلوك المخالف للقانون فان مساءلته عن هذا السلوك لا يكون لها محل فضلا عن أن تقرير المسؤولية في هذه الظروف يعد من قبيل الظلم الذي تأخذها اعتبارات العدالة (3)
------------------
1) د.عوض محمد المرجع السابق ص418– 2) د.عبد الحميد الشواربي وعزالدين الدناصوري المرجع السابق ص55
3) د.فتوح عبد الله الشاذلي شرح العقوبات القسم العام.الكتاب الثاني المسؤولية في الجزء دار الهدى المطبوعات 1997 ص 7

-9-

المطلب الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

كما يستند أنصار حرية الاختيار كذلك إلى إن «الحرية في قانون الإنسان الذي يميزه عن المخلوقات الأخرى و هو يشعر بهذه الحرية التي تمييز إنسانيته وتحدد قدرته على التحكم في أفعاله وأهوائه و يجعل لأرادته الحرة السيطرة على نوازعه و انفعالاته ، لذلك يشعر كل إنسان بحريته في الاختيار و يستقر في ضميره، هذا الشعور باعتباره قيمة إنسانية و أخلاقية توجه قراراته و اختياراته في الحياة، فالإنسان يشعر دائما بقدرته على المفاضلة بين الاختيارات المختلفة ، و يتخذ قراره بناء على هذه المفاضلة ، و ليست المقدرة على المفاضلة و اتخاذ القرار النهائي سولا صدى للحرية عن الاختيار و عدم الخضوع للعوامل التي تضطر الفرد إلى سلوك معين لا تتحكم فيه الإرادة الخاصة بــه، و إذا ما شعر كل إنسان بان أفعاله لا يتحكم فيها سوى حريته و إرادته، استقرت هذه العقيدة في ضمير الجماعة ووجهت نظرتها إلى المجرم باعتباره قد اختار طريق الإجرام، و لذلك كان من الواجب أن يتوافق القانون مع هذا الشعور و أن يجعل أساسا للمساءلـة و معيارا لها أيا كان الجدل الفلسفي حول حرية الاختيار أو الحتمية »

في حين نجد البعض أكد بأن « و بالفعل إن القوانين تفترض حرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجزائية ، وتتطلب للمساءلة القانونية توفر الحد الأدنى من حرية الاختيـار، و تسلم بان هذه الحرية قد يتأثر بعوامل داخلية أو خارجية يترتب عليها امتناع المسؤولية أو تخفيفها» (1).
«و في مجال القانون الجنائي، يتحقق مذهب حرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية مع الوظيفة الاجتماعية لهذا القانون فإذا كان العقاب يهدف إلى الشعور بالعدالة وجب لضمان تحقيق هذا الهدف أن لا يخضع للعقاب الا من يكون سلوكه مستوجب اللــوم، و السلوك لا يكون كذلك إلى حين يكون وليد حرية الاختيار» (2).

الفرع الثاني : المذهب الوضعي :
يرى أنصار هذا المذهب (3) إلى أن حرية الاختيار كأساس للمسؤولية« دعوة لا يشهد على صحتها دليل علمي معتبر و إنما هي وهم عتيق تناقله الأجيال خلفا عن سلف حتى رسخ في الأذهان و عدا من المسلمات و الحقيقة في رأيهم أن سلوك لا يراعي شأنه كافة الظواهر الطبيعية و الاجتماعية لا يقع مصادفا و لا اعتباطا و إنما هو خاضع لقانون السببية ، فالسلوك الإنساني في جملته سواء أكان إجراميا أو لم يكن محكوم بمقدمات إذا توافرت لم يكن من وقوعه بد، فهو ثمرة حتمية للتفاعل بين شخصيته ذات تكوين معين وظروف بيئية خاصة، و لما كان الناس يتفاوتون فيما بينهم من حيث تكوينهم العضوي و النفيس كم يتفاوتون من حيث ظروفهم الطبيعية و الاجتماعيـة فمن
-------------------
1) عبد الحميد الشواري و عز الدين الدناصوري. المرجع السابق ص 55
2) د.فتوح عبد الله الشاذلي المرجع السابق ص 08
3) د. عوض محمد المرجع السابق ص 418


-10-

المطلب الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

المنطق أن يكون سلوكهم في المواقف المتماثلة مختلفا، و قد تطلع بعض الفقه إلى إحاطة كاملة بالتكوين العضوي و النفسي لكل شخص و بكافة ظروفه الخارجية العامة و الخاص، الطبيعية و الاجتماعية لكان بالوسع القطع بنتيجة التفاعل بين هذه العوامل و التنبؤ بنوع السلوك الذي يتحتم على الشخص إتيانها لكن الجهل لكثير من هذه الأمور هو الذي يصور لنا إن الإنسان يتصرف في المواقف المختلفة بوحي من إرادته وحده و على هذا النحو يخلص الوضعيون إلى أن الإنسان ليس له الخيار فيما يأتي و في ما يدع و إنما هو مسوق إلى أن يسلك في كل موقفا مسلكا يستحيل عليه بحكم تكوينـه و ظروفه أن يسلك غيره و هذا لا يعني تسليم الوضعيين بان لجريمة عمل مبرران مرتكبها لا يسأل عنها فالمذهب الوضعي كالتقليدي لا يتغاضى عن الجريمة و لا يتغاضى الجاني من مسؤوليته.
و إذا كان الوضعيون قد حرصوا على نفي حرية الاختيار كأساس للمسؤولية فإنهم قد بحثوا في الوقت نفسه على أساس آخر يتفق مع حقائق العلم من جهة و يتسع من جهة أخرى لمواجهة الجريمة و مكافحتها بكل صورها و أيا كان مرتكبها ، لأن من حق المجتمع و واجبه أن يتصدى لكل ظاهرة تعصف بكيانه أو تعيق تقدمه و تحقيقا لهذا الغرض أدى فقهاء المذهب الوضعي إلى إحلال المسؤولية الاجتماعية محل المسؤولية الأدبية و الخلقية ، و المسؤولية الاجتماعية بطبعها تقوم على الخطورة الإجرامية فالجاني يسال بأنه كشف بفعله عما يكمن في ذاته من خطورة إجرامية تنظر بوقوع أفعال مماثلة منه مستقبلا (1).
و يرى كذلك الكثير من المشتغلين بالعلوم الاجتماعية أن الجريمة ليست ثمرة حرية الاختيار، بل هي ظاهرة إنسانية لابد تحكمها هي الأخرى أسباب مختلفة سواء أكانت الأسباب طبيعية أو عضوية أو نفسية تؤدي إليها حتما، و أن القول بحرية الاختيار لا يمكن أن تكون إلا وهما شخصي سيكذبه للواقع العضوي أو نفسي و المحاولة للهروب والتعمق في دراسة أسباب الجريمة بعد إلقاء اللوم كله على الجاني ، و يرد أنصار هذا المذهب عما اتهمه به خصومهم إلى أن الحتمية تؤدي إلى الجمود و عدم مواجهة الجريمة، باعتبار إنها نتيجة حتمية لا مناهي من وقوعها، و يرون بأن هذا القول فيه خلط بين الحتمية و القدرية.
فليست الحتمية بمعناها الصحيح مثالية الجود و الجمود، بل تدفع دائما إلى العمل و التحري عن الأسباب لمقاومها فتمنع بالتالي نتائجها ، و أن الإيمان بتسلسل الأسباب يجعلها نظرة للجاني كضحية لظروف الاجتماعية الداخلية و الخارجية ، و سبب الخطورة الإجرامية يجب أن يوضح كل من يفرق قاعدة من قواعد قانون العقوبات، و هنا يحق للمجتمع بل من واجبه الدفع عن نفسه اتجاه هذه الخطورة، و لهذا لا يتهم أنصار الحتمية فكرة الجزاء على مسؤولية الجاني الأدبية ، و لكن على أساس اجتماعي قانوني بحت، و بذلك يتجه أنصار المدرسة الوضعية إلى ما تنادي به المدرسة التقليدية، ومن وجوب تقدير الجزاء وفق لدرجة المسؤولية مما يؤدي إلى عدم إمكان اتخاذ أية الاختيار
-------------
د. محمد عوض المرجع السابق ص 419

-11-
بالرغم من خطورة هؤلاء على المجتمع ، و ثبوت ارتفاع نسبهم بين مجموع من المجرمين.
الفرع الثالث - مذهب الحتمية – المذهب الحديث-
و هنا يفكر كذلك أنصار هذا المذهب من أن حرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، و يرون أن الأفعال الإنسانية ما هي إلا نتيجة حتمية لأسباب مؤدية إليها (1).
و عليه فان السلوك الإنساني لا يمكن اعتبار ثمرة لحرية الاختيار، و إنما هو نتيجة للتفاعل بين شخصية لها تكوين عضوي و نفسي معين، و ظروف خارجية قد تكون طبيعية أو اجتماعية، و إذا تم الإحاطة بالجوانب العضوية و النفسية للشخصية الإنسانية و بالظروف الخارجية التي تحيط بتلك الشخصية لكان منى المتيسر التنبؤ بنوع السلوك الذي يتحتم على الشخص إتيانه، و يبدو من هذا التحليل إن نسبة السلوك الإنساني إلى حرية الاختيار، ليس سوى نتيجة لعدم قدرة الباحثين على الإحاطة بكافة جوانب التكوين العضوي و النفسي للشخص، و بكافة الظروف الخارجية التي تحيط به، أي إن حرية الاختيار لا وجود لها و الاستناد إليها كأساس لمساءلة الإنسان عن أفعاله لا يعني أكثر من الجهل بالأسباب الحقيقية التي تدفع الإنسان إلى سلوك معين يستحيل عليه تفاديه.
و تطبيق هذا المذهب على السلوك الإجرامي باعتباره من صور السلوك الإنساني يؤدي إلى القول بأن الجريمة ليست وليدة حرية الاختيار و إنما هي نتيجة حتمية لعوامل داخلية ترجع إلى التكوين البدني و النفسي للمجرم، و عوامل خارجية طبيعية و اجتماعية و هذه العوامل هي التي تدفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة و تسوقه إليها على نحو لا يجعل له أي خيار في الامتناع عنها.
فحرية الاختيار ليست لها وجود في مجال السلوك الإجرامي، و مساءلة مرتكب الجريمة على أساس حرية الاختيار هو محض اقتراح لا تدعمه الحقائق العليمة، فالجاني يسال عن الجريمة لا لكونه قد اختار السلوك الإجرامي، بل لأن هذا السلوك سيكشف عن خطورة إجرامية كامنة في الشخص، ينبغي مواجهتها بالتدابير اللازمة لحماية المجتمع.
و إقامة المسؤولية الجزائية على أساس الخطورة الإجرامية يؤدي إلى توسيع نطاق هذه المسؤوليـــة، فهي لا تنتفي بانعدام حرية الاختيار التي لم تعد أساسا للمساءلة ، و لا يشترط في الأعمال الموجبة لها أن ينطبق عليها وصف الجريمة بالمدلول الضيق، و لا يحدد التدبير الذي يواجه الخطورة وفقا لجسامة ماديات الجريمة . وإنما يكفي استئصال الخطورة الكامنة في الشخص الفاعل.
حجج أنصار مذهب الحتمية :
يرى أنصار مذهب الحتمية أن حرية الاختيار هي محض ادعاء ، لا يوجد دليل علمي يؤكد صحته، و ان ما قدم من حجج لتأكيد حرية الاختيار لا يمكن أن تكون له قيمة في مواجهة الحقائق العلمية الثابتة التي تدعم فكرة الحتمية و قد ظهر مما تقدم أن فكرة الحتمية تتلخص في تطبيق قوانين
----------------
1) د. فتوح عبد الله الشاذلي المرجع السابق ص 10


-12-


الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

السببية على السلوك الإجرامي باعتباره من صور السلوك الإنساني الذي يشن عن هذه القوانين, فالسلوك الإجرامي لا يمكن أن يحدث دون سبب يؤدي إليه. و يؤدي إقامة المسؤولية على أساس حرية الاختيار إلى تجريد فكرة المسؤولية من الطابع العلمـــي و بنائها على محض افتراض.
و يؤدي كذلك أنصار مذهب الحتمية أن التسليم بحرية الاختيار كأساس للسلوك الإجرامي يقود إلى تجاهل البحث في الأسباب التي تهدف إلى ارتكاب الجريمة , بينما يؤدي القول إلى العناية بأسباب الإجرام و محاولة استخلاصها تمهيدا لعلاجها على مستوى الفــرد , و أخيرا فان مذهب الحتمية مما يؤدي إليه من توسيع نطاق المسؤولية من حيث الأشخاص و الأفعال يتضمن حماية المجتمع من الجريمة و مكافحتها في كل صورهــا و أيا كان شخص مرتكبها , فالمسؤولية الاجتماعية لا تمتنع عند انتقاء حرية الاختيار , بل يطبق على مرتكب الجريمة التدبير الملائم الذي يستهدف استئصال خطورته دون أن ينطوي على معنى اللوم أو التأنيب.
المطلب الثالث : أساس المسؤولية الجزائية في التشريع الجزائري .
لا شك أن المشرع الجزائري قد اعترف بحرية الاختياري إقامة المسؤولية الجزائية على هذا الأساس و الدليل على ذلك انه استبعد المسؤولية الجزائية في الحالات التي انتفت فيها حرية الاختيار – فالمادة 47 ق.ع. تنص على « لا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها».
و تنص المادة 49 على « لا توقع على القاصر الذي لم يكتمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية». (1).
و تفصح مجموع هذه النصوص عن علة امتناع المسؤولية الجزائية (2). في فقدان حرية الاختيار تماما بنص المادة 47 و تقرر امتناع المسؤولية في حالة الإكراه الانتقاء الحرية أيضا , و كذلك تقرر المادة 49 هذه القاعدة بالنسبة لفقدان التمييز و هو صورة من صور فقدان حرية الاختيار .
و يعني ذلك أن انتقاء حرية الاختيار يؤدي إلى امتناع المسؤولية الجزائية , لتخلف الأساس الذي تقوم عليه , و لكن الملاحظ أن حرية الاختيار قيدها المشرع الجزائري أسوة بالتشريعات الحديثة التي وقعت بين مذهب حرية الاختيار و مذهب الحتمية , فالمشرع الجزائري يقرر تدابير امن للمجنون بنص المادة 47 ق.ع. عقوبات بالرغم من امتناع مسؤوليته و ذلك كنوع من أنواع الحماية للمجتمع و لدرء إخطار المجنون , كما يقرر تدابير في حالة امتناع المسؤولية بالنسبة للصبي الغير المميز بنص المادة 49 ق.ع.
فالمادة 47 تنص على « لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة و ذلك دون الإخلال بأحكام الفقرة 02 من المادة 21 ».
---------------------------
1) قانون العقوبات الجزائري.
2) د. رضا فرح شرح قانون العقوبات الجزائري الأحكام العامة للجريمة . ش.و للنشر و التوزيع طبعة 1976 ص368..
-13-


الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

و المادة 21 ق.ع. تنص على «الحجز القضائي في مؤسسة نفسية في وضع الشخص بناء على قرار قضائي في في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض و ذلك بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت ارتكاب الجريمة أو اعتراه بعد ارتكابها » (1) و تصنيف الفقرة 02 بان هذا القرار يصدر مهما كان الحكم , سواء كان بالإدانة أو بالعفو أو بالبراءة , و في حالة الحكم بالبراءة يجب أن يثبت مساهمة الجاني أو المتهم في أفعال الجريمة.

يبدو موقف المشرع الجزائري واضحا (2) أيضا في الأخذ بمذهب حرية الاختيار المقيدة فيما ينص عليه بالاعتراف بالمسؤولية المخففة عند إنقاص حرية الاختيار في الفقرة 03 من المادة 49 بقولها : على «و يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 عاما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة » (3) .

و نلخص من ذاك إلى القول بان المشرع الجزائري يعترف بحرية الاختيار كأساس للمسؤولية , و لكنها حرية مقيدة تستتبع وضع تدابير وقاية للحالات التي تقوم فيها هذه المسؤولية أو في حالة انتقاصها.



----------------------------------------------
1) ق.ع.ج.
2) د. رضا فرح. نفس المرجع ص 369
3) ق.ع.ج.



-14-

المبحث الأول : أركان المسؤولية الجزائية :
الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية
المبحث الثاني : أركان المسؤولية الجزائية :
لكي تتحقق المسؤولية الجزائية لا بد من حدوث واقعة توجبها و من وجود خص معين يتحملها, فأما الواقعة الموجبة شرطها أن تكون جريمة , أما المسؤولية فيلزم فيه ركنان أو شرطان , الأول أن يكون أهلا لتحمل المسؤولية و الثاني أن يكون هو مرتكب تلك الجريمة , و في الفقه فضلا عن ذلك يوجد خلاف حول العلم بقاعدة التجريم و ذلك في مدى اعتبار العلم بقاعدة التجريم ركنا أو شرطا في المسؤول.
كما نعالج صفة المسؤولية و هو الجاني دائما كشرط ثالث و نعالج أخيرا شرط مدى لزوم العلم بنص التجريم.

المطلب الأول : موجب المسؤولية – وقوع الجريمة شرط لازم –

فالجريمة هي موجب المسؤولية , فلا يتصور البحث عن قيام المسؤولية إلا إذا كانت هناك جريمة وقعت و أن تكون الجريمة مستوفية جميع أركان قيامها , لأنه إذا اختلف الركن المعنوي فلا عبرة بالفعل المرتكب و لو كان غير مشروع في ذاته , لأن موجب المسؤولية هو الجريمة.
وإذا استوفت الجريمة جميع أركانها فلا عبرة بجسامتها و لا بمداها و لا بصورة الركن المعنوي فيها. « و توافر هذه الأركان لا يعني بضرورة أن الجريمة قد تحقق وجودها قانونا , ذلك أن الجريمة ليست مجرد نشاط مادي و نفسي ادر عن شخص معين , و إنما في الوقت نفسه تقدير أو وصف قانوني يسيغه المشرع على نشاط هذا الشخص (1) ».
و هذا يقتضي ابتداء أن يكون الشخص خاضعا لقانون العقوبات , و الأصل في قانون العقوبات أنه محكوم بمبدأ الإقليمية , فهو يسري على كل من يرتكب فعلا يعد مخالفا للقانون سواء كان وطنيا أو أجنبيا , و لا يمتد إلى ما يقع في الخارج من جرام حتى و لو كان ذوي الأصل الوطني هم مرتكبو هذه الجرائم . «و على الرغم من وضوح هذه القواعد فقد اختلف الرأي في مدى خضوع بعض المعنيين في الدولة لقانون العقوبات و يشمل المعنيين بحصانة سياسية و كذلك الصغار و المجانين » (2).
فبالنسبة للطبيعة القانونية لأفعال المتمتعين بحصانة سياسية فالبعض يرى أنهم لا يلتزمون بأوامر العقوبات و لا بنواهيه لأنهم غير مخاطبين ألا بأحكامه, و لذلك تخرج أفعالهم عن مجال القانون و ليس للقانون أي شأن بها و لا حكم لها فيه و عليه فإن – القانون - يمتنع عن وصفها قانونا بأنها جريمة ».


----------------------------

1) د. عوض محمد المرجع السابق ص 427.
2) د. احمد أبو الروس المرجع السابق ص 74.

-15-

الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

و هذا قد انتقد هذا الرأي .نظرا لأنه يفتقد للسند القانوني ,والصحيح في هذا أن المتمتعيـــن بالحصانة السياسية ملزمين كغيرهم بقانون العقوبات وخاضعون لإحكامه سواء كانت صفاتهم مستندة من التشريع الداخلي أو من القانون الدولي. وإذا ارتكبوا أفعالا تنطبق على نص من نصوص التجريم . أي أفعال تخالف القانون فان هذه الأفعال تعذ من الجرائـم.
كما رأى احد فقهاء القانون الدولي (على أن المتمتعين بحصانة دبلوماسية هذه الحصانة لا تعفيهم من الخضوع لقانون العقوبات وإنما تحميهم من اتخاذ إجراءات جنائية ضدهم).(1)
كما أن الحكمة التي اقتضت تقرير الحصانة لا تسمح بتكييفها على نحو ما ذهب إليه الراى المنتقد .فالراجح في فقه القانون الدولي إن الحصانة تقررت أساسا للوفاء بمتطلبات الوظيفــــة الدبلوماسية اى تمكينا لشاغلها من القيام بالمهام المنوطة بذلك دون اتخاذ اى إجراء يعرقل من عمله أو تحط من قيمتــه.
وهذه الضمانة_الحصانة الدبلوماسية_لا تقضى توفير إعفاء الدبلوماسيين من الخضوع لأحكام قانون العقوبات.ولو قيل بذلك لكان ذلك إعطاءهم ومنحهم فرص ارتكاب ما هو محضور قانونا.(2)
والصحيح أن المتمتعين بحصانة سياسية ملزمون كغيرهم بقانون العقوبات وخاضعون لإحكامه
وإذا ارتكبوا أفعالا محظورة فان أفعالهم تعد جزاءا .أما حصانتهم فهي إجرائية ينحصر أثرها في الحيلولة دون اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم (3) كالقبض والتفتيــــش و الاستجواب و المحاكمة .
أما بالنسبة للطبيعة القانونية لأفعال الصغار والمجانين. فيذهب رأى على أنهم مخاطبون بقانون العقوبات وخاضعين لأحكامه وليس فيهم ما يحول إلى اعتبار أفعالهم جرائم أي أن شرط موجب المسؤولية متوفر لديهم.(4)
بينما يرى جمهور الفقهاء (5) بان أفعال الصغار و المجانين لا تقع عليها الصفة الإجرامية أي لا توصف قانونا أنها جريمة.ولو كانت فعلا محضورا ومخالفا للقانون .ويستند بعض القائلين بهذا الرأي على أن هؤلاء الأشخاص لا يخضعون أصلا لحكم قانون العقوبات ويستدل البعض الأخر إلى تخلف ركن من أركان الجريمة وهو الركن المعنوي .ومن الفقهاء من يبنى الحكم على الأساسين معا.


1)د. عوض محمد.......المرجع السابق.ص 429.
2)د.عوض محمد.......المرجع السابق.ص430.
3)د.احمد أبو الروس......المرجع السابق.ص45.
4)د.سمير عالية..........المرجع السابق.ص281.
5)د.عوض محمد.........المرجع السابق.ص431.
-16-




الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية
فالقائلين بان المجانين و الصغار لا يخضعون لقانون العقوبات نظرا لأنهم غير قادرين على فهم وإدراك مضمون لقانون العقوبات من جهة.وعاجزين عن القيام بالالتزامات و الواجبات التي يفرضها عليهم من جهة.أما القائلين بان الجريمة تختلف وتفتقر للركن المعنوي ونظرا لعدم تمتع الصغار والمجانين للركن المعنوي وقوام هذا الأخير هو الإدارة.وإدارتهم غير معتبرة في القانون.فلا يصح إعطاء الصفة الإجرامية لهذه الأفعال التي يقوم بها هؤلاء الأشخاص.

وما ذهب إليه الفقه غير صحيح لان يصلح ان يكون الصغير فعل الصغير والمجنون جريمة في نظر القانون .وان كان كل متهم لا يسال جنائيا عن فعله فذلك لأنه غير أهل لتحمل المسؤولية لا لان فعله لا يعد جريمة.(1)



--------------------------------
1) د.سمير عالية المرجع السابق.ص282.



-17-



الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية
المطلب الثــــاني : منــاط المسؤوليــــة :

باعتبار أن المسؤولية عبء لا يقوى أي شخص على حمله , و إنما يتحمله من كان أهلا لذلك, و لذلك فليس من المنطق أن يرتكب خص و هو يتمتع بكافة قواه العقلية فعلا يعد في نظر القانون جريمة ثم لا يسأل عنها لأن التلازم غير مطرد بين ارتكاب الجريمة و تحمل مسؤوليتها , أي بين ارتكابها و تحمل العقوبة المقررة لها , و الأهلية التي هي مناط المسؤولية لا تكتمل إلا باجتماع أمرين و هما التمييز و حرية الاختيار.

أولا : التمييـــــز :
« يقصد بالتمييز هو اللفظ الأكثر استخداما تشريعا و فقهاء بوجه عام , و لكن هناك من التشريعات من يعتمد على لفظ الإدراك , و منهم من يستعمل لفظ الشعور , و اللفظ الغالب و الأدق هو لفظ التمييز (2).
و يقصد بالتمييز و هو قدرة الشخص على فهم ماهية سلوكه و تقدير ما يترتب عليه من نتائج. » (3).

كما يقد بالتمييز قدرة الشخص على إدراك القيمة الاجتماعية لسلوكه , أي مدى ما ينطوي عليه هذا السلوك من ضرر أو خطر على حقوق الغير , و بالتالي مدى توافقه أو تعارضه مع مقتضيات الحياة الاجتماعية و لما كان التمييز بطبيعته أمرا يتفاوت لدى الناس من حيث وقت ثبوته و من حيث مراتبه , فكانت وجهة نظر التشريع الجزائري بمقتضى المادة 49 من قانون العقوبات على أنه : «لا توقيع على القاصر الذي لم يكتمل الثالث عشر ة إلا تدابير الحماية أو التربية » فمن خلال نص المادة و ما تطرق إليه الشارع الجزائري فجعل س التمييز من 13 سنة فما فوق , أي أن الذي لم يكتمل سن من 13 سنة فهو عديم التمييز و بالتالي عديم الإدراك و هنا تقام المسؤولية الجزائية على من يفتقد للتمييز. (4)


------------------

1) د. أحمد أبو الروس المرجع السابق ص 76
2) د. عوض محمد المرجع السابق ص 438
3) د. سمير عالية المرجع السابق ص 282.
4) د. عادل قورة محاضرات في قانون العقوبات - القسم العام – الجريمة – ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 1994 ص 145.



-18-


الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية

و عليه فإذا ارتكب شخص هو صغير السن – عديم التمييز – الذي لم يكتمل سن معينة فعلا يعد في نظر القانون جريمة أي لا يجوز الحكم عليه بأي عقوبة أو تدابير منصوص عليها في القانون و إنما يحكم عليه بتدابير أخرى كالتوبيخ و التدريب المهني , و الالتزام بواجبات معينة , و الاختيار القضائي و الغذائي في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية و الإيداع في إحدى المستشفيات الخاصة (1).

و الإنسان لا يبلغ مرحلة التمييز طفرة واحدة , بل لا بد من مراحل حياة يقطعها الإنسان حتى يتحقق له التمييز , و متى بلغ مرحلة التمييز فهو متمتع في نظر القانون الجزائي بالقدرة على التمييز و أصبح مسئولا أمام القواعد الجزائية , سواء يعلم بالقانون الجزائي أو يجهله لأنه من توافرت لديه القدرة على الوعي و التمييز أصبح مسئولا على أي فعل يعد في نظر القانون جريمة (2).

و لا يشترط لاعتبار الشخص مميزا , يحيط علمه بحكم القانون في فعله , و لا أن يكون ذلك في مقدوره , و هذا الرأي مجتمع عليه , و من الفقهاء من يعلله بأن العلم بالقانون مفترض , فلا تقبل دعوى الجهل به, و هذا التعليل ينطوي عليه ضمنا بلزوم العلم بالقانون كشرط في التمييز
و من الطبيعي أن يكون الشخص قد بلغ سن التمييز , لكي لا يعذر لجهله , فإدراكه العقوبة أو معرفة النص الجزائي الخاص بالأعمال المحظورة ليس من شروط المسؤولية الجزائية , و كل ما هو مطلوب للمسائلة أن يعني – أن يكون مميزا – أنه أمام فعل المحضور اجتماعيا كان فيه مختارا فوجه أرادته نحو فعله أو عدم فعله و غلبة إرادته على الفعل المحضور فهو بذلك مسئولا و مستحقا للعقاب و على أساس ما تقدم إذا انتقى الوعي و الإدراك انتفت معه المسؤولية إذ لا يعقل أن يسأل شخص عن أفعال تصدر منه لا يستطيع أن يعد أو يدرك نتائجها , فالمجنون الذي يرتكب الفعل المكون لجريمة القتل لا يمكن توقيع العقاب عليه , و إن كان من الجائز أن ينزل به التدبير الاحترازي (3).
ثنيا : حرية الاختيار :
إذا كان المرء عاقلا مميزا , فإن عليه أن يوجه إرادته توجيها سليما , يتفق و مرامي القانون , و لا يتحقق ذلك إذا كان حر الاختيار , فحرية الاختيار هي مقدرة المرء على توجيه إرادته الوجهة التي يريد , فلا يكفي أن يكون قادرا على العلم بمختلف الأمور , بل يجب أن يكون بوسعه توجيه إرادته حسب عمله , و لهذا فإن شرطا الإدارة المعتبرة قانونا هما : التمييز و حرية الاختيار (4).
--------------------------------
1) د. أحمد أبو الروس المرجع السابق ص 76.
2) د. سمير عالية المرجع السابق ص 282.
3) أحمد أبو الروس المرجع السابق ص 76
4) د. عبد الله سليمان المرجع السابق ص 236.
-19-



الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية


و اشتراط حرية الاختيار يتلاءم مع وجود القانون ذاته , فالشارع يوجه خطابه إلى الكافة للقيام بعمل معين أو الامتناع عنه , و ما لم يملك المخاطبون بالقانون حرية القيام بهذا العمل أو الامتناع فلا قيام للقانون لأنه لا التزام بمستحيل , و لذلك فإن المخاطبين بالقانون يجب أن تتوفر لديهم حرية الاختيار(1).

ثــالثا مراتب الأهلية :
و الأهلية الجزائية تقوم على التمييز و حرية الاختيار , و كلا الأمرين قدرة , تقبل التدرج و تتراوح بين الكمال و النقصان , و قد استجاب قانون العقوبات بصفة جزائية لحكم الواقع , و باعتماده على عامل السن قسم الأهلية على ثلاثة أقسام (2) قسم يتمتع بالأهلية الكاملة و قسم يتمتع بالأهلية الناقصة. و قسم لا أهلية له. كما تم بيانه فإن المشرع اعتمد على عامل السن وحده في هذا التقسيم.

أما الحالة العقلية فقد اختلفت نظرة التشريعات إليها , فمنها من يسلم بإمكان تدرجها , و قد تناولت التشريعات حكم الجنون و العاهة العقلية , تعرض إلا لغرض واحد و هو فقد الشعور و الاختيار بسببهما
و هو ما يدل على أن المشرع يقسم الناس من هذه الناحية إلى كامل الأهليــــــة و عديمها(3).
من التشريعات المعاصرة ما بنص على تدرج الأهلية تبعا للحالة العقلية و تكون بذلك مسؤولية كل شخص حسب التدرج أي مسؤولية كل شخص مناسبة لنوع الأهلية.


-----------------------------
1) د. أحمد أبو الروس المرجع السابق ص 77.
2) د. عوض محمد عوض المرجع السابق ص 447.
3) د. عوض محمد عوض المرجع السابق 447.



-20-


الفصل الأول : ماهية المسؤولية الجزائية
المطلب الثالث:صفة المسئول-المسؤول هو الجاني دائما-

القاعدة أن التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسال بصفته فاعلا أو شريكا إلا عندما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الأفعال التي نص القانون على تجريمها. سواء كان ذلك فى القيام بالفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون.

وإذا كان من المتصور في منطق العقل والقانون أن يرتكب الجريمة شخص لا يسال عنها لعلة فيه.فالعكس غير متصور وفقا للقاعدة السابقة إذ لا يمكن أن تتعدى المسؤولية مرتكب الجريمة إلى سواه مما لم يسهم فيها بوصفه فاعلا ولا شريكا.

ورأت العصور السابقة بل وشهدت جموحا في هوى الحكام واختلالا في موازين العدالة وانتهاكا لتلك القاعدة فكانت مسؤولية المجرم آنذاك لا تنحصر في الشخص المجرم .بل تتعداه لي أفراد أسرته إمعانا في الزجر وا
استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى